تعيين قطر القمر بشكل تقريبي



كيف نستفيد من الفترة التي يمضيها القمر خلال خسوفه الكلي في تحديد قطره بصورة تقريبيه؟؟

   إن الطريقة الأبسط قام كليوميد بشرحها في كتابه: "النظرية الدائرية للظواهر الفلكية " وهاهو وصف ديلامبر لهذه الظاهرة في كتابة "تاريخ علم الفلك القديم" (الجزء الأول، صـ ٢٢٥): "كنا نقول أن القمر يصل إلى ضعف ظل الأرض في الخسوف الكلي. لأنه كلما كان يتم تخطيه بواسطة قطر هذا الظل، كلما زادت المسافة التي يقطعها في الإعتام الكامل. "ينقسم الخسوف إلى ثلاث أجزاء، الأول عندما يبدأ القمر بالكامل في الدخول بقطره في الظل، أما الجزء الثاني هو الذي يستخدمه القمر في التحرك في الظل وأخيراً الوقت الذي يستغرقه للتحرك للخروج بقطره، وإذا كانت هذه الأجزاء متساوية فإن قطر الظل سيكون ضعف قطر القمر. كما يكون ظل الأرض ضعف ظل القمر، ونستنتج أن الأرض ضعف القمر في الحجم (مما يفترض معه أنها ليست أكبر من ظلها، وأن الشمس ليست أكبر من الأرض). إن قطر الأرض يصل إلى أكثر من ٨٠٠٠ غلوة (وحدة قديمة من وحدات الطول)، أما قطر الأرض فمساحته ٤٠٠٠ وقطر القمر يصل إلى ١/٧٥٠ من دائرتها أي إلى حد ما حجمه يماثل الشمس. ودائرة القمر تكون ٧٥٠ × ٤٠٠٠٠ غلوة. وبترجمة ذلك في بعض كلمات أكثر عصرية، نقيس دخول وخروج القمر من ظل الأرض وزمن الدورة في مجملها. ونستنتج النسبة بين ظل الأرض وقطر القمر، ثم نقوم بافتراض الظل الأسطواني (ظل الأرض المساوي لقطرها). ونستنتج من ذلك طول القمر بالنسبة للأرض. ثم بمعرفة قطر الزاوية الظاهرة للقمر ١/٧٥٠ من الدائرة (في ذلك العصر كنا نقيس الزوايا بالكسور بالنسبة لمحيط الدائرة). ونستنتج من ذلك طول المدار الدائري للقمر. وكذلك لدينا وصفٌ لقياس المسافة بين الأرض والقمر من خلال أريستارك دوسا موس (٣١٠ – ٢٣٠ ق. م) في كتابة "حول كبر حجم والمسافة بين الشمس والقمر". وتلك الطريقة تعد أكثر تعقيداً من الناحية الهندسية لأنه في عصر أريستارك لم نكن نعرف حساب المثلثات ويمكننا الإطلاع من داخل موقع جاليكا (gallica.bnf.fr) الخاص بالمكتبة القومية على النسخة الفرنسية من كتاب أريستارك دوساموس "حول كبر حجم والمسافة بين الشمس والقمر"، التي ترجمها من اليونانية الكونت دو فورسيا دوربان والتي تم نشرها في ١٨٢٣. وكذلك يصف لنا بطليموس (في منتصف القرن الثاني) في الألماجست (الكتاب الخامس، الفصل الرابع عشر) طريقتين لحساب القطر الظاهري للقمر ثم المسافة بين الأرض والقمر وبين الأرض والشمس. ولحساب القطر الظاهري للقمر، استخدم بطليموس خسوفين للقمر تمت ملاحظتهما في بابل. الأول حدث في العام الخامس من نوبابولاسار أي العام ١٢٧ من تقويم نبوخذنصر في نهاية الساعة الحادية عشر من ٢٧ إلى ٢٨ من الشهر المصري أثير (الشهر الثالث من العام) أي ليلة ٢١ إلى ٢٢ أبريل – ٦٢٠ (٦٢١ ق.م). ويقول لنا بطليموس "شاهدنا في بابل القمر يبدأ في الخسوف، وكان الجزء الأكبر من هذا الخسوف هو ربع قطر الجزء الجنوبي من الكوكب" ثم قام بحساب موقع القمر على مداره في أقصى وقت من الخسوف ووجدناه في درجة ٩.٥ وأن مسافة الزاوية بين مركز القمر ومركز محور المخروط هو ٤٨.٥°. أما الخسوف الثاني للقمر والمستخدم في عام ٧ من تقويم قمبيز، أي عام ٢٢٥ من عصر نبخذنصر، وتم ذلك قبل منتصف ليلة ١٧ إلى ١٨ من الشهر المصري فامينوف أي خسوف ١٦ يوليو عام ٥٢٢(٥٢٣ ق.م )، ويقول لنا بطليموس: "رأينا في بابل خسوف القمر بمقدار نصف قطره في الجزء الشمالي" وقمنا بحساب الحد الأقصى لخسوف القمر وهو ٧.٨° وقياس الزاوية بين مركز القمر ومركز محور المخروط هي ٤٠.٦ بوصة. وكذلك قام بطليموس بحساب خسوفي القمر الذين كانا يحدثان بطريقة ملحوظة في نفس قياس الزاوية في قمته وبالتالي كانت الأقطار الظاهرة متساوية بينما فرق المسافة بين محور المخروط يساوي ربع قطر القمر. ويستنتج بطليموس أن قطر القمر يساوي ٣١.٣ بوصة . واعتباراً من الخسوف الثاني قام بطليموس بحساب نصف قطر مخروط الظل أيضاً عن طريق نصف القطر الظاهر للقمر ووجد أن نصف القطر هذا أقل قليلاً من ضعف و٣/٥ من نصف قطر القمر إن حساب القيمة المحددة لنصف قطر القمر عملية معقدة جداً. غير أنه هناك طريقة هندسية بسيطة تسمح بحساب القيمة التقريبية. هذه الطريقة اكتشفها أريستارك دوساموس (- ٣١٠ إلى ٢٣٠ ق. م). افترض اريستارك أن ظل الأرض يشكل أسطوانة، يتغلغل فيها القمر خلال فترات الخسوف الكامل (في الواقع، يكون القمر على شكل مخروط وليس على شكل اسطوانة لأن الشمس ليست بعيدة إلى مدى لا نهائي). إن الخسوف الكلي يستغرق ساعتين كحد أقصى حينما يعبر القمر الأسطوانة طبقاً لمحيطها. إن المسافة التي يقطعها القمر في ظل الأرض تساوي تقريبا قيمة محيط الأرض. وبملاحظة تحرك القمر بالنسبة للنجوم، وتعرفنا أيضاً إلى أن القمر يقطع مسافة تساوي ما يقرب من قطره في خلال ساعة. إذاً خلال الخسوف الكلي للقمر (مدة بحد أقصى ساعتين تقريباً)، يقطع القمر مسافة تساوي ضعف قطره تقريباً

إن إجمالي خسوفه يبدأ في اللحظة التي يكون قد اختفى فيها القمر كلياً في الظل، ونستنتج من ذلك أن قطر أسطوانة الظل (التي تساوي حوالي قطر الأرض) تساوي ثلاثة أضعاف قطر القمر (كما في الرسم الموضح فيما بعد).
بفضل الإيراتوستين نعرف أنه في ذلك العصر كان قطر الأرض ٠٠٠ ١٣ كم. وكان قطر القمر – الأصغر بثلاث مرات – يساوي ٤٣٠٠ كم، أي بنصف قطر قدره ٢٢٠٠ كم. وتلك هي بالطبع القيمة التقريبية. أما نصف القطر "الحقيقي" فمقداره ١٧٤٠ كم.  


الإبتساماتإخفاء